Thursday, February 26, 2009


آمنة ضرار ساعة ندم.. لبسوي وتاريخ كدبوت.
.

صحيفة أجراس الحرية
بواسطة: admino
بتاريخ : الأربعاء 25-02-2009 10:12 صباحا
http://ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=2172

لعنة الله على الكتابة، حين تدفعك دفعاً كي تنكأ جرحاً غائراً، أو أن تكتب عن من تربطك به علاقة، ما في زمن
ما، لكن ماذا أنت فاعل حين يبصق من تقصده على ذلك الزمن؟. تباً عليك أيها الزمن!. وصديقنا سيدي دوشكا، وهو من يذكرني بتلك الأيام الخوالي، وكذلك أركا محمد صابر فتيان الشرق الأشاوس، وهم يغنون للبسوي فارس كدبوت، وكدبوت لمن لا يعرفها، كانت المعارضة في شرق السودان تطلق عليها (كدبوت بلد الموت)، فغارة من الخرطوم تقتل بعضاً من جنود المعارضة، وغارة مضادة من قوات التجمع تفرِّق الجيش الحكومي وتقتل منه كذلك، فصارت كدبوت الواقعة قرب الحدود السودانية الإريترية مثل(القلابة)،أو(المصيدة) تغري الطرفين لها، فيقع من يدخل في فخ المناورة، وقوانين الكر والفر، أو الانسحاب والتقدم بالمصطلح العسكري، وكان لبسوي، أو أحمد دين هو من شهداء تلك المنطقة، وله غنى أركا، وغني دوشكا، دلالة على الرمزية، والتاريخ والفروسية.

ولم يكن لبسوي يحسب ضمن حساباته أن يدخل ردهات القصر الفخم، أو أن يكون ضمن أطقم الحكم الرئاسي، فهو مثله مثل مئات الشباب في قرورة، وعيتربة، وكسرة عقيق، وعين، حتى همشكوريب، وتوقان، وتلكوك، وأبو قمل وقلسا، وغيرها من بلدات ما كنا لنسمع بها لولا أشاوس التجمع أو البجا. ومنذ اتفاق سلام شرق السودان ظللت أتابع مآلات الاتفاق، وتنفيذه، وأوضاع جبهة الشرق التي منحني التاريخ فرصة متابعة وحضور ولادتها القيصرية في منطقة ربدة، ومن تلك اللحظة ظلت تنتابني حالات التوجس على مصير الوليد الجديد، باعتبار أن ما ولد عبارة عن قيادة فوقية ثلاثية الأضلاع تستند على قاعدة هلامية حتى دخلت المفاوضات مع الحكومة مرحلة التوقيع على اتفاق السلام، فشهدت الجبهة الخلافات والصراعات، فتوكأ موسى على عصاه، أو قواته العسكرية، وفر الى مبروك الى مرابع القبيلة، ووقفت آمنة في حيرة من أمرها، وبعد قليل توغلت في ذات الأفق الضيق، أفق القبيلة، أو البني عامر، فطوت الشهادات الأكاديمية والدرجات العلمية، ودفنت الآيديولوجيا الماركسية. وحين عاد الجميع دفعني حنين الماضي لمحاورة الدكتورة آمنة ضرار صحافياً، فسألتها وهي تحمل لقب مستشارة: حول فيما تستشار؟! هل تُستشار في قضايا التنمية وشرق السودان؟! فردت بأنها امرأة قومية تعمل لكل السودان، وهو أمر طيب رغم صعوبة الانفكاك من الواقع السياسي الذي صعد بها الى طوابق القصر والسلم السياسي، لم أدر ان كان عليَّ أن أفرح، أم أتوجس، لكنني رميت بسؤال آخر: وهل تُستشارين في قضايا دارفور؟. ردت أيضاً بالنفي، لأن قضية الجنائية وجرائم الحرب من اختصاص القانونيين والدستوريين، إذاً فيما تُستشار؟. فعرَّجت على السؤال بطريقة أخرى: وهي كيف تتم الاستشارات؟ وهل يتم عقد اجتماعات؟ فقالت إنها أسرار العمل، فبُهِت، وصمت.. فغيرت الموضوع، ربما محبة في القلب جعلتني اضغط على نفسي كي أتناسى أوضاع المستشارين والمساعدين، صغارهم وكبارهم من الوافدين الجدد الى الحكم، وأعرف أن كل ذلك لا يعدو سوى وضع ديكورات في داخل القصر، أو استخدام طريقة الترميز التضليلي من المركز ليوهم أهل الهامش أنهم ممثلون في السلطة المركزية، فينشغل القادمون الجدد بخلافاتهم، ومشاكلهم الخاصة ويبدأ الاهتمام بعملية السلام في تناقص، ويبدو أنه كلما زادت المخصصات، وطال الجلوس فوق كرسي وثير، وتحت هواء بارد كلما زادت درجة الانتماء الى النظام الحاكم، وبالتالي نقص الاهتمام بقضية من يضعونهم على تلك الكراسي، مع علمي أن آمنة سليلة أسرة محترمة وكبيرة، عرفت وسائل الدِعة والراحة قبل كثيرين من الوجهاء الجدد، والسلام عند كثيرين مربوط بمقدار المكاسب الشخصية والمغانم، إن زادت، أحس الانسان بالسلام، وإن نقصت، شعر بنفق مظلم وضيق تدخل فيه كل العملية السلمية، فيرتفع الصراخ، وتزداد الشكوى من سوء التنفيذ، ونسمع محاضرات نقض المواثيق والعهود. ولقد أحزنني حقاً تصريحات للدكتورة آمنة ضرار تُعلن فيها ندمها عن أية ساعة قضتها في العمل المعارض، أو في المعارضة!. وليت ما نقلته الصحف لم يكن صحيحاً، وليت ما نقل على لسانها أسيء تفسيره، وهو ما كنت أترقَّبه حتى يوم أمس، ولا أظن أن الصحف المعنية تجنَّت على الدكتورة، ولو تجنَّت عليها لصدر ما يصحح المواقف، فهل من تصويب؟ نقول ذلك وفي يقيننا أن آمنة لا تتجاهل أنها دخلت الى القصر ببنادق المعارضة، وأنها قدمت الى الموقع تقديماً نوعياً، فهي امرأة من الشرق، فهو اختراق كبير، وفي ذات الوقت؛ تحمل درجة الدكتوراه، وهو شرف للمنصب ولسلام الشرق، ولمن قدم لها الدعم حتى وصلت الى القصر، ومناسبة من قدم لها الدعم نتمنى أن تطرح الدكتورة سؤالاً لنفسها.. أين هم هؤلاء؟. شباب كانوا يضعون أرواحهم فوق أكفهم.. نيازي، صالح عمار، معز، عمر الشيخ، وحتى مصطفى أكد، وآخرين هي تعلمهم، لماذا انفض هؤلاء الشباب من حولها؟. وحين تجيب عن هذا السؤال بشفافية وبشجاعة ربما تكسب هذه المرأة نفسها، وأصدقائها بما فيهم من هم دعموا الجبهة والاتفاق والسلام، هناك في دولة إريتريا، بعضهم مسؤول، وبينهم باحثون وأكاديميون أنشأوا المراكز لتنمية القدرات وللتدريب على أمل فجر جديد، وتغيير كبير لكل السودان، وهو ما قد يضع بعض علامات الاستفهام والتعجب حول رفض جبهة الشرق لبرامج تدريب القدرات الذي كان يقدمه مركز القرن الإفريقي لبناء السلام والدكتور تيسير محمد أحمد علي، فهل كان ذلك حرصاً من القيادات في عدم تدريب قيادات شابة لتظل هي مسيطرة على مفاصل الأمور؟ أم كان الأمر يتم بحسن نوايا، بسبب التخبط التنظيمي، وحالات التيه التي أعقبت اتفاق السلام؟ ربما نجد العذر للدكتورة ونقول إن الأمر هو كبوة جواد أصيل، سرعان ما ينهض من كبوته، ويقوم من عثرته، ويدخل الى مارثون السباق، وهو سباق مسافات طويلة يمر بمنعطفات الأمية، سوء التغذية، السل، خصخصة الموانئ ـ همّ صديقنا آدم اركاب اليومي ـ وبعد ذلك التنمية الاقتصادية، وبالطبع قبلها تنمية الانسان باعتباره حجر الزاوية في التنمية، وكل ذلك مصحوباً بملاحم لبسوي، ودماء على البحر الأحمر، وفوق الجبال الشرقية، وتاريخ طويل لا يخجل الانسان منه، وماضٍ عظيم لا يندم الانسان السوي عليه، فهو ماض التضحيات، وأيام النقاء الثوري، فهل من يندم على تلك الأيام؟ وما هو سبب الندم؟ أهو معادلة ربط المسائل بمكاسب شخصية وبعدها فليمزق كل الورق الذي حوى ذلك التاريخ، ولتطمس كل الكلمات التي عبرت عن تلك الفترة، لأن من يحاسب أو يسائل صار نسياً منسياً، لكنه تفكير آني، لأن من صنع كل ذلك التاريخ، وكل الشخوص، سيتذكر لبسوي، طالما أن صوت سيدي دوشكا اللعين يتفجر مثل البركان، ويذكر تاريخ كدبوت، ولعنة الله على الغناء عند بعض، ولعنة الكتابة عندي اذا ما الحروف.......؟!!

No comments: